إن يوم 18 فبراير من كل سنة هو
اليوم اليوم الوطني للشهيد الذي اختارته الجزائر منذ عام 1989 إكراما و تشريفا
للشهيد الذي ضحّى إبّان ثورة التحرير الكبرى بأغلى ما يملك.
وقد ورد في قانون رقم 91/16 المؤرخ
في ربيع الأول عام 1412 ه الموافق 14 سبتمبر سنة 1991 م. تحت عنوان (قانون المجاهد
و الشهيد) ما يلي:
المادة 16: يعد شهيدا كل من كانت له إحدى الصفات المذكورة في
المواد 5، 6، 9، 11، 12، 13، 14، 15 و استشهد أو عُدّ من المفقودين فيما بين أوّل
نوفمبر سنة 1954 م إلى 5 يوليو سنة 1962 م.
و الحديث عن الشهيد يجعلنا حتمًـا
نولّي وجهنا شطر الماضي إلى التاريخ الذي قال عنه أحد رموز الحركة الوطنية
الجزائرية: (إذا جهلت أمّة تاريخها فقد جهلت مستقبلها، و إذا جهلت مستقبلها فقد
أسرت نفسها و ألقتها في يد غيرها) . اهـ .
و التاريخ لا يجامل أحدًا فمن كان
عظيمًا رفع شأنه و وضعه في متحفه، و من كان حقيرًا أهان كيانه و رمى به في مزبلته.
إنّ هذه الأرض الطيّبة (الجزائر)
التي يمرح شعبها في رحابها و يتفيّـأ ظلالها لم تأته صدفة و تساق له مجانًا . .
فقد ضاق فيها أهلنا من المستدمر الفرنسي أشكالا من الحيف و ألوانا من الضّيم و سلط
عليهم أوجهًا من العذاب.
لقد أعطى الرّجال و النساء أنفسهم
و أولادهم هبة خالصة من أجل استرداد تلك الحرية. فما وهنوا و ما استكانوا و ما
بخلوا بما تبخل به عادة النفس البشرية و كان أسمى و أنفس و أنقى عطاء من لدن
الشهيد. فهل تدرك الأجيال المتعاقبة قيمة هذه التضحية العظيمة؟ و التي كانت من توقيع
جميع الأبطال و المجاهدين الذين تخلوا طوعًا لا كرهًا و اختيارًا لا إجبارًا عن
حياتهم الفردية بما فيها من هناء و متاع و سارعوا إلى تلبية نداء الجهاد الدّيني و
الوطني ليوفّروا للجزائريين الحياة الحرة الكريمة. و ليستعيدوا لوطنهم شرفه و
عزّته و يرفعوا في هذا العالم مكانته و رايته.
يقول الشاعر (أحمد منصوري) أبطال
نوفمبر تكلّموا فقالوا:
نحن جند الله من صنع القـدر صاغنــــا المولى فرادى
وزمــــر
نحن لا نخشى عدوّا ظالمــــــــا لا ولا يرهبنــــــا أيّ خطــــــر
قد أزحنا الذلّ عن أنفسنـــــــا وقهرنــــــا الظلم أينمـا ظهـــــــر
لم نزل كالأمس أسدا في قوتّنا من تحدّانــــــا فمأواه سقـــــــــر
أيّهـــا السائل عن أبطالنـــــــــا فاسأل الأوراس يعطيك الخبر
كانت الحرب سجــــالاً بيننــــــا والعدوّ المستبـــــد في خطــــر
نحن لا نبغي حيــــاة في الوغى إنّنــــــا نهدف دومًا للظفــــــــر
سل أريـس سل هضاب الرّ مل بالصحراء سلّ عنّـــــا القفر
كم قطعنا من فيافٍ في الدّجى ومشينـــــا ولم نخش السّهــــــر
كل شبر من أراضينا سقينــــا هُ بدم فهو للجيــــــــل أثــــــــر
فاكتبوا يا قومُ عن تاريخنـــــا إنه للنشء ذكــــــــرى وعبــــــر
هذه الثورة دومًــــــا خالــــدة أبد الدّهـــــــر على مرّ العصـــــر
نحن لا نخشى عدوّا ظالمــــــــا لا ولا يرهبنــــــا أيّ خطــــــر
قد أزحنا الذلّ عن أنفسنـــــــا وقهرنــــــا الظلم أينمـا ظهـــــــر
لم نزل كالأمس أسدا في قوتّنا من تحدّانــــــا فمأواه سقـــــــــر
أيّهـــا السائل عن أبطالنـــــــــا فاسأل الأوراس يعطيك الخبر
كانت الحرب سجــــالاً بيننــــــا والعدوّ المستبـــــد في خطــــر
نحن لا نبغي حيــــاة في الوغى إنّنــــــا نهدف دومًا للظفــــــــر
سل أريـس سل هضاب الرّ مل بالصحراء سلّ عنّـــــا القفر
كم قطعنا من فيافٍ في الدّجى ومشينـــــا ولم نخش السّهــــــر
كل شبر من أراضينا سقينــــا هُ بدم فهو للجيــــــــل أثــــــــر
فاكتبوا يا قومُ عن تاريخنـــــا إنه للنشء ذكــــــــرى وعبــــــر
هذه الثورة دومًــــــا خالــــدة أبد الدّهـــــــر على مرّ العصـــــر
و لم يتردّد (أحمد زبانة)
أوّل شهيد حكم عليه بالإعدام بواسطة المقصلة أن يقول ساعة إستشهاده: ( ليس من
عادتنا أن نطلب بل من عادتنا أن ننتزع و سننتزع منكم إستقلالنا عاجلاً أو آجلاً ).
وفي هذه المناسبة (اليوم
الوطني للشهيد) إسمحوا لي أن أتناول الواجب الذي قام به أبطال الثورة من زاوية
واحدة هي زاوية القيم الرّوحية و الأخلاقية لأنّها من أهم الدعائم و المرتكزات التي
تستند عليها الثورات لتبلغ بمشيئة الله النّصر المبين.
فالثوّار يعتقدون اعتقادًا
جازمًا أنّ تلك القيم هي لازمة حالة الحرب أو السّلم
قال الشاعر أحمد شوقي:
إنّمــا الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا